صلح الحديبية لم يكن صلح الحديبية حدثاً عابراً في تاريخ الأسلام، فقد ترتب على هذه الاتفاقية التي عقدت بين النبي عليه الصلاة والسلام والمسلمين من جهةٍ والكفار من جهةٍ أخرى كثيرٌ من النتائج والآثار، ولأجل ذلك سماها الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز فتحاً مبيناً؛ لأنّها فتحت على المسلمين باباً للكثير من الانتصارات والإنجازات، وسنذكر في هذا المقال أسباب ونتائج هذا الصلح.
أسباب صلح الحديبية حدث صلح الحديبية في السنة السادسة للهجرة، فقد رأى النبي عليه الصلاة والسلام رؤيا أنّه يدخل المسجد الحرام ويطوف به، ولأنّ رؤيا الأنبياء حقّ علم النبي الكريم أنّ ذلك سيتحقق على أرض الواقع، فاخبر أصحابه بذلك واستنفرهم للإعداد للتوجه إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة، وقد حرص النبي على أن لا يحمل المسلمون في مقصدهم هذا إلّا سلاح السفر حتّى يعلم كفار قريش أنّهم ما جاءوا للقتال، وعلى الرغم من ذلك فقد أقسمت قريش على أن لا يدخل المسلمون عليها عنوة، فحصلت لأجل ذلك مراسلاتٌ بين الفريقين، حيث أرسلت قريش عروة بن مسعود الثقفي، وعاد إلى قريش يبين لهم نية المسلمين في عقد إتفاقية صلحٍ ويدعوهم إلى إجابتهم في ذلك، فبعثت قريش بعد ذلك سهل بن حنيف الذي أشرف على وضع نقاط هذا الصلح والتي كان من أبرز بنوده:
- وضع القتال بين المسلمين والكفار عشر سنين.
- أن يعود المسلمون هذه السنة إلى المدينة المنورة، ليعودوا في السنة المقبلة ليعتمروا ويطوفوا حول البيت.
- أن لا يعتدي أحدٌ من الفريقين على حلفاء الفريق الآخر.
- أنه من أتى المسلمين من الكفار أعاده المسلمون إلى قريش، ومن أتى الكفار لم يعاد إلى المسلمين، وقد أثارت هذه النقطة حنق المسلمين لما وجدوا فيها من الغبن.
نتائج صلح الحديبية - أنّه مهد للفتح العظيم لمكة المكرمة، فقد حشد المسلمون في السنة الثامنة للهجرة ما يقارب العشرة آلاف مقاتل، حيث استطاعوا دخول مكة وفتحها من غير قتال.
- أعطت لدولة الإسلام الوليدة الهيبة والرهبة في قلوب أعدائها، وذاع صيتها في الجزيرة العربية بأكملها.
- أعطت للمسلمين فرصةً للإعداد والدعوة إلى الإسلام، فقد استغل المسلمون فترة الهدنة هذه في إرسال الرسائل إلى الحكام، وخوض معارك مهمة مثل غزة مؤتة.
- إنّ الاتفاقية وجهت المسلمين للانتباه إلى خطر اليهود في الجزيرة العربية وتحديداً في خيبر، حيث توجه المسلمون إليها قبل فتح مكة في السنة السابعة للهجرة وتمّ فتح حصونها، وإبعاد اليهود بخطرهم ومكائدهم عن الجزيرة العربية.
- إنّ صلح الحديبية أعطى للمسلمين دروساً في الصبر والتأني، فعلى الرغم من بنود الاتفاق التي تظهر أنّ المسلمين أعطوا الدنية في دينهم مقابل الكفار إلّا أنّ ما خبأته تلك الاتفاقية من أسرار ونتائج كان لها فضلٌ كبيرٌ ومن بينها تمحيص قلوب المؤمنين وغربلة صفوفهم من المنافقين.